محكمة الاستئناف
مذكــــــــرة دفـــــــــــاع
مقدمة من :……………………………………………. (متهــــم ـ مستأنف)
النيابــــــة العامــــــــــــة (سلطـة اتهـام)
وذلك في القضية رقم ………….. جنايات مستأنف……………..والمحدد لنظرها جلسة ……………………
الوقائـــــــــــــــــع
أسندت النيابة العامة للمتهم لأنه في يوم ………… بدائرة مخفر شرطة المباحث الجنائية – محافظة ……….. :
حاز وأحرز مادة مخدرة (( هيروين )) وكان ذلك بقصد التعاطي دون أن يثبت أنه قد رخص له بذلك قانوناً.
وطلبت النيابة العامة عقابه وفقاً للمواد الواردة بقرار الإتهام.
هذا وتداولت الدعوى بالجلسات امام محكمة أول درجه وبجلسة ………….. حكمت المحكمة : ( حضورياً للمتهم بتقرير الامتناع عن النطق بعقاب المتهم على أن يقدم تعهداً مكتوباً بكفالة 500 د.ك يلتزم فيه بمراعاة شرط عدم العوده الى ما ادانته عليه المحكمة حسن السير والسلوك لمدة سنه وأمرت بمصادره المضبوطات ) .
وقد تم الطعن بالاستئناف على ذلك الحكم من قبل المتهم طالباً الحكم ببرائته استناداً للآتي :-
الدفـــــــــــــــــاع
انتفاء حيازة وتعاطي المتهم لأي مواد مخدرة
من المقرر قضاءً :
(( أن مناط المسئولية في حالتي إحراز و حيازة المواد المخدرة ثبوت اتصال الجاني بالمخدر إتصالاً مباشراً أو بالوساطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والإختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية))
( طعن بالتمييز رقم 108 / 1994 جزائي جلسة 27/ 6 / 1994 )
لما كان ذلك وكان المتهم قد قرر بأنه لا يتعاطى أية مواد مخدرة وأن النقيب / …………….. ادّعى دون دليل بأن المتهم كان يتعاطى المواد المخدرة مع المتهم المتوفى فما هو إلا كلام مرسل دون دليل معتبر قانوناً .
اذ وبسؤال الضابط بالتحقيقات صفحه(6) :
س: وما قولك فيما قررته سلفاً بالتحقيقات من ان المتهم:محمد عزالدين كان يقصد من لقاء المتوفي حيازة المواد المخدره وتسهيل تعاطيها ؟
ج: نعم انا قصدي ان المتهم :…………….. يتعاطي المواد المخدرة مع المتهم:…….وكان يتعاطي ذات المخدر مع المتوفي …….. وهذا ما توصلت اليه تحرياتي التكميليه .
وإذ بالاطلاع على تقرر الأدلة الجناية الخاصة بالمتهم المتوفي :……. – جاءت نتيجته بان المتهم كان يتعاطى ماده المورفين المخدرة .
في حين النيابة العامة أسندت للمتهم الماثل مهمة حيازة وإحراز ماده مخدرة مغايرة وهي(الهروين) وهو ما يتأكد منه بأن أقوال ضابط المباحث واهية ولا تمت للحقيقة بصله .
كما بسؤاله بتحقيقات النيابة العامة صفحة 7 :
س: ما قصد المتهم / …………. من حيازته لتلك المواد المخدرة ؟
ج : التعاطي .
س : وما تعليلك لعدم العثور في عينة بول المتهم ………….. على أي مواد مخدرة ؟
ج : لأن المتهم ………… تم ضبطه عقب الواقعة بفترة طويلة وهذا على أن ما كان بداخل جسمه قد زال .
هذا وسؤاله أيضاً في صفحة/(8) :
س: وما تعليلك لعدم وجود أثار المخدرات بتقرير الأدلة الجنائية ل………..؟
ج: انا لا اعرف عما اذا كان يتعاطى المخدرات في يوم الواقعة ولكن وان كان يتعاطى المخدرات فإنه تم ضبطه بعد مده من تاريخ الواقعة فيصعب على الطب الشرعي والأدلة الجنائية عما إذا كان يتعاطى من عدمه .
وهذا الإدعاء من قبل النقيب …………… يخالف الحقيقة والواقع والمنطق ، إذ ادعائه بأنه انقضت مدة طويلة على الواقعة وأن ما كان بجسمه قد زال هو قول يخالف المجرى الطبيعي للأمور ، إذ أن مدمن المخدرات أو متعاطيها لا يستطيع بين يوم وليلة أن يمتنع عن تعاطيه لها إذ عادةً بأنه شخص مريض يعاني في حالة عدم تناوله تلك المواد في مواعيد متواترة بما يشبه الجنون ، بل لا يستطيع بمفرده أن يتخلص من ذلك البلاء ولكن يحتاج إلى أطباء وعلاج لكي يتخلص منه تدريجياً ، إذ في العادة حتى عند علاج مثل هذه الحالات يقوم الأطباء المعالجين بإعطاء المريض جرعات من تلك المواد المخدرة تقل تدريجياً مع العلاج حتى يتخلص منه نهائياً ، فكيف يدعّي ضابط المباحث بأن المتهم كان يتعاطى تلك المادة المخدرة ولكن انقضت مدة طويلة على تاريخ تعاطيه وعلى تاريخ أخذ العينة للتحليل منه ؟
إذ جاء التقرير الأول الصادر عن الإدارة العامة للأدلة الجنائية والذي يحمل رقم: ……… الخاص بالمتهم بنتيجة مؤداها أسفل بند الفحص والنتيجة بعد أخذ عينة من دم المتهم :
” لم يعثر على أي أثر للكحول الأيثيلي أو الميثيلي “
وجاء أسفل بند العينات المرسلة للفحص بذات التقرير :
” تم أخذ العينة بتاريخ ……… الساعة 4.40 مساءً “
وجاء التقرير الثاني للإدارة العامة للأدلة الجنائية رقم …………. أسفل بند النتيجة بعد أخذ عينة دم وعينة بول وغسيل معدة للمتهم :
” لم يعثر في عينة البول المرسلة على أي مواد المخدرة والمؤثرات العقلية “
وجاء ببند الملاحظات بذات التقرير :
” تم أخذ العينات بتاريخ ………… الساعة 4.40 مساءً من إدارة الطب الشرعي ، وقد وقّع المتهم بالبصمة على ذلك .
ومن تلك التقارير يتضح عدة أمور :
أ ) أنه تم أخذ العينات من المتهم لتحليلها بتاريخ ………. وليس بعد مدة طويلة حسب ادعاء ضابط المباحث ، والواقعة حسب القيد والوصف بتقرير الإتهام بتاريخ ………. .
أي أنه تم أخذ العينات من المتهم بول ودم وغسيل معدة قبل اقل من شهر من الإدعاء المزعوم بأن المتهم كان يتعاطى تلك المادة المخدرة ( الهروين ) بذات التاريخ ، وهي مدة لا يزول آثار المخدر فيها بجسم المتهم إذا فرض جدلاً بأنه كان يتعاطى تلك المادة المخدرة ، وعلى أسوء الفروض بأنه زالت آثار تلك المادة أو لم تظهر في عينة بوله ، فإنها ومن غير المستحيل طبقاً للأساليب العلمية المتبعة في مثل هذه الحالات من أن آثار تلك المواد المخدرة لا تظهر بنتيجة تحليل الدم وكذلك بغسيل المعدة .
ب ) خلو التقارير الطبية من ثمة آثار لتعاطي المتهم للمادة المخدرة ( الهروين ) المسندة إليه بتقرير الإتهام وهو ما يتأكد معه بأن أقوال ضابط الواقعة ما هي إلا كلام عازته الحجة عليه والذي نفته التقارير الطبية الصادرة عن الإدارة العامة للأدلة الجنائية والذي أكد على عدم العثور في عينتا دم وبول وغسيل معدة المتهم على أثر للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية ولا على أي أثر للكحول الأيثيلي أو الميثيلي .
وهو ما يكون معه الإتهام المسند إلى المتهم لا سند له من الواقع أو القانون .
إذ يجب الاستدلال بأدلة قانونية معتبرة على توافر الحيازة في حق المتهم وليس مجرد الإفتراض أو التخمين .
ذلك لأنه من المقرر قضاءً :
” يجب أن تدلل محكمة الموضوع تدليلاً كافياً على توافر الحيازة أو الإحراز في حق المتهم “
( نقض مصري 5 ديسمبر 1961 ، مجموعة أحكام النقض ، س 12 رقم 199 صفحة 962 )
وإذا كان من المقرر أن :
” الأحكام الجزائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين الذي يثبته الدليل المعتبر لا على الشك والتخمين “
( الطعن رقم 17/2000 جزائي ، جلسة 30/10/2000 )
ولعل تقارير الطب الشرعي يكذب هذا الإتهام وينفيه ويقطع ويؤكد بأن ما ذكره ضابط المباحث بأن المتهم كان يتعاطى مادة المورفين المخدرة غير صحيح وفي غير محله .
لأنه من المقرر قضاءً أنه :
” إذا تناقض الدليل القولي مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي معه التوفيق والموائمة فإنه يجب الأخذ دوماً بالتقرير الفني لأنه لا يكذب أبداً “
وعليه تضحى واقعة إسناد تهمة حيازة وإحراز مادة (الهروين) للمتهم / ……………….. غير صحيحة وتحوطها ظلال كثيفة من الشك والريبة .
كما أنه من المقرر قضاءً أنه :
” يكفي في المحاكمات الجزائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر في الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة “
( الطعن رقم 8/77 جزائي ، جلسة 9/1/1978 )
المحكمة الموقرة ..
إن واقع الأوراق وما حوته وما أتت به تقارير الأدلة الجنائية يؤكدون بأن المتهم لم يقترف الجرم المسند إليه وهو الأمر الذي يقطع ببراءته مما أسند إليه .
حيث من المقرر قضاءً أنه :
” إذا كان هناك احتمال من بين الاحتمالات التي استخلصتها المحكمة من أوراق الدعوى يؤدي إلى القضاء بالبراءة فلا يجوز القضاء بغير ذلك لأن القاعدة الأصولية في الإثبات الجنائي أن الشك يفسر لمصلحة المتهم وهو الوجه الآخر لقاعدة اقتناع القاضي الجنائي المبني على الجزم واليقين للأدلة القاطعة الصحيحة “
وإذا كان من المقرر أن مبنى الحكم بالإدانة يقيني يطمئن معه وجدان القاضي لا تؤرقه الشكوك ولا تنال منه الظنون .
وإذا كان السند الذي تستند إليه النيابة العامة والدليل الوحيد الذي تعوّل عليه هو أقوال ضابط المباحث وحده وقد نفاها الدليل الفني المعتبر قانوناً .. .
وإذا كانت هذه الأوراق قد جاءت خالية من أي دليل مادي آخر يعززها ويساندها ، بل أن الدلائل الفنية قد نفتها وكذبتها.
إذ من المقرر أن الإحراز أو الحيازة هي سيطرة الشخص العقلية على شيء والظهور عليه بمظهر المالك والإحراز ، هذا وقد عني المشرع الجنائي بأنه لا بد من توافر أركان هذه الجريمة لدى المتهم وهو الركن المادي والمعنوي حتى تنزل العقوبة عليه والركن المادي متمثل في حيازة وإحراز المادة المخدرة حيازة فعلية وظاهرة وأن يكون سلطانه مبسوط عليها والركن المعنوي هو أن يكون المتهم عالم علم اليقين بأن ما يحوزه هو مادة مخدرة ، فإذا لم يكن هذين الركنين متوافرين في حق المتهم لا يمكن معه بحال من الأحوال إسناد تهمة المادة المخدرة إلى المتهم .
وحيث أنه قد ثبت بالدليل الفني المعتبر بأن المتهم لا يحوز ثمة مواد مخدرة وثبت أيضاً كذب أقوال ضابط المباحث وعدم صحتها وأن هناك غيوم كثيفة تحيط بظروف الواقعة وأدلة الإثبات فيها ولا يوجد بينها دليل واحد يقطع بأن المتهم ارتكب التهمة المسندة إليه ، علاوة على أنه هناك قصور ونقص لحق بالتحقيق في جميع مراحله .
إذ حرص المشرع على حماية وقدسية حريات الأفراد واستلزم القانون ضرورة توافر دلائل قوية على ارتكاب المتهم للجريمة المسندة إليه وفي ذلك تواترت آراء الفقهاء والتطور التشريعي من الدساتير أن العدالة الجنائية هي دائماً وأبداً مرآة رقي وحضارة وتقدم المجتمعات سياسياً واجتماعياً ، وأن التشريع الجنائي سيظل هو السياج والإطار الحقيقي لحماية حريات الأفراد وأنه بالعدالة الجنائية فقط تستقيم موازين ودعائم الحياة الكريمة بطمأنة الحكام والمحكومين إلى شمولهم برعاية تلك العدالة الجنائية .
مما سبق فهناك شكوك حقيقة تعتري أدلة الثبوت التي تكاد تكون منتفية وان الصحيفة سوابق المتهم ناصعة البياض .
لذلك
يلتمس الدفاع من المحكمة الموقرة القضاء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة المتهم مما أسند إليه .
وكيل المتهم المستأنف
المحـامي