جاري تحميل السلة...
نفقة الصغار في القانون المصري: حقوق ضائعة وحلول شرعية وقانونية
حين ننظر إلى واقعنا نجد آلاف القصص المؤلمة لأمهات يقفن على أعتاب المحاكم يطلبن قوت صغارهن، ويلاحقن الآباء الهاربين من مسؤولياتهم الشرعية والقانونية.
تظل نفقة الصغار في مصر ليست مجرد أرقام وأحكام، بل هي حياة وكرامة، وغالبًا ما تكون شريان بقاء لأطفال لا ذنب لهم.
أولًا: نفقة الصغار في الشريعة الإسلامية
قال الله تعالى:
﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾
وهذا النص القرآني وضع أصلًا ثابتًا بأن النفقة واجبة على الأب للصغار حتى يبلغوا حد الكفاية.
كما نصت السنة النبوية على ذلك في حديث النبي ﷺ:
«كفى بالمرء إثمًا أن يُضيع من يقوت».
وهكذا فإن النفقة في الشرع حق للصغير لا للأم، لا يسقط حتى لو تنازلت عنه.
ثانيًا: النصوص القانونية التي تحكم نفقة الصغار في مصر
أقر المشرع المصري هذا الحق في عدة قوانين أهمها:
✅ القانون رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 بشأن أحكام النفقة:
نصت المادة (18 مكررًا ثانيا):
«إذا لم يكن للصغير مال فنفقته على أبيه».
✅ المادة (1) من القانون ذاته:
«تفرض نفقة الأولاد على أبيهم بمقدار يسار الأب وحالهم وحاجة من تجب لهم النفقة.»
✅ كما نصت المادة (76 مكرر) من قانون الأحوال الشخصية المعدل بالقانون 91 لسنة 2000:
«يجوز للنيابة العامة أن تطلب الحكم بنفقة مؤقتة للصغير... تُصرف له فورًا.»
وهذا النص عالج بطء الإجراءات ومنح الصغير حق الحصول على نفقة عاجلة.
ثالثًا: مشاكل نفقة الصغار في المجتمع المصري
رغم وضوح النصوص، إلا أن الواقع مليء بالعقبات:
🔸 تهرب بعض الآباء من الدفع بالتحايل على الدخول أو إخفاء مصادر رزقهم.
🔸 طول مدة التقاضي بسبب كثرة الجلسات والطعون.
🔸 ضعف تنفيذ الأحكام، فكثير من الأحكام تصدر ولا تجد طريقها للتنفيذ.
📌 مثال من أحكام محكمة النقض المصرية:
الطعن رقم 336 لسنة 60 ق جلسة 11/11/1993:
«الأصل في النفقة وجوبها على الأب على قدر يساره لدفع حاجة الصغير الضرورية التي لا غنى له عنها.»
الطعن رقم 18 لسنة 47 ق جلسة 28/4/1980:
«نفقة الأولاد الصغار على أبيهم بلا تحديد بمدة زمنية، وهي تستمر ما لم يبلغ الصغير الحد الذي يستغني فيه عن أبيه.»
رابعًا: حلول قانونية وعملية لمشاكل النفقة
🔹 إثبات يسار الأب بالتحري عن مصادر دخله، مثل مخاطبة جهة عمله أو البنوك.
🔹 الحبس عند الامتناع عن الدفع: نص القانون في المادة (293 عقوبات) على أن:
«كل من صدر ضده حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة وامتنع مع قدرته يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة.»
خامسًا: دور المجتمع في دعم نفقة الصغار
لا بد من:
✅ تفعيل دور الجمعيات ومكاتب التسوية الأسرية.
✅ تسهيل إجراءات صرف النفقة.
✅ نشر الوعي المجتمعي بأن النفقة ليست تفضلًا من الأب بل فرضٌ شرعي وقانوني.
تظل نفقة الصغار اختبارًا حقيقيًا لإنسانيتنا وعدالة مجتمعنا.
ولنتذكر دومًا:
«ليس الغني عن كثرة العرض، ولكن الغني غنى النفس»، فلا يستكثر أحدٌ ما يُخرج في نفقة صغاره، فإنه يُخرج ما أمر الله به ليبارك له فيما بقي.
مشاركة المقال
التعليقات (0)
أضف تعليقاً
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!